| | موعد الأصدار:2023-10-25
صباح الخير! يسعدني أن أجتمع معكم في أبوظبي الجميلة. يطيب لي في البداية أن أتقدم نيابة عن وزارة الخارجية الصينية بالتهاني الحارة بعقد الدورة العاشرة لندوة العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية، وأتقدم بالشكر القلبي على ما قامت به الإمارات كالدولة المضيفة والأمانة العامة لجامعة الدول العربية من الترتيبات الدقيقة وحفاوة الاستقبال، كما أعرب عن فائق الاحترام والتقدير للأصدقاء الصينيين والعرب الذين جاءوا من البعيد.
لقد أصبحت ندوة العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية باعتبارها فعالية مؤسسية مهمة في إطار منتدى التعاون الصيني العربي، التي تم انعقاد 9 دورات لها، منصة هامة للتواصل بين الحضارتين الصينية والعربية. وتأتي هذه الندوة في توقيت مهم تمر فيه العلاقات الصينية العربية بأفضل مراحلها في التاريخ حيث تم انعقاد القمة الصينية العربية الأولى بالنجاح في نهاية العام الماضي ويتطور بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك بشكل مستمر ومعمق. وفي الوقت نفسه، شهد الوضع الفلسطيني الإسرائيلي تصعيدا مفاجئا خلال الأسبوعين الماضيين، وكانت المشاهد الكارثية الناجمة عنه تؤلم الجميع. على هذه الخلفية، إن تباحث الجانبين الصيني والعربي حول المواضيع مثل تعزيز التواصل بين الحضارات والدعوة إلى السلام والحوار وتحقيق التعايش السلمي لأمر يكتسب مزيدا من الأهمية الواقعية.
من أجل بذل جهود حثيثة لدفع وقف إطلاق النار ومنع أعمال العنف وتهدئة الأوضاع، قد أوضحت الحكومة الصينية موقفها بطرق مختلفة على مدى الأيام الأخيرة، وأجريتُ تواصلا مكثفا مع الأطراف المعنية في الشرق الأوسط والمجتمع الدولي، وأقوم بزيارة إلى المنطقة بهذا الصدد. تتبنى الصين والدول العربية مواقفا متقاربة، وتجمعها توافقات واسعة. نرى بالإجماع أن الأولوية القصوى في ظل الظروف الخطيرة الراهنة هي ضرورة وقف إطلاق النار وتحقيق الهدنة في أسرع وقت ممكن، تجنبا لتدهور الوضع؛ وضرورة الامتثال للقانون الدولي الإنساني وبذل قصارى الجهد لضمان سلامة المدنيين؛ وضرورة الحفاظ على الهدوء وضبط النفس، ودفع تهدئة الصراع؛ وضرورة أن تلعب الأمم المتحدة دورها المطلوب في سرعة التوصل إلى توافق دولي واتخاذ إجراءات واقعية.
إن السياسة الصينية تجاه القضية الفلسطينية واضحة ودائمة. ظلت القضية الفلسطينية لبا لقضية الشرق الأوسط. يكمن مصدر هذه القضية في عدم تحقيق حلم إقامة دولة فلسطين المستقلة لمدة طويلة، وعدم تصحيح الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني منذ زمان. إن الحل لهذه القضية هو "حل الدولتين"، أي إقامة دولة فلسطين المستقلة، وتحقيق التعايش السلمي بين فلسطين وإسرائيل. وإن الطريق الصحيح للدفع بـ"حل الدولتين" هو سرعة استئناف مفاوضات السلام، مع تفعيل دور إيجابي لكافة الآليات بشأن دفع مفاوضات السلام. كما قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، إنه لا يمكن أن يستمر الظلم الذي عانت منه فلسطين على مدى أكثر من نصف قرن والذي أصبح مصدرا لمعاناة عدة أجيال. سيواصل الجانب الصيني الوقوف إلى جانب السلام والعدالة، لدعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني للحفاظ على حقوقه الوطنية المشروعة.
الضيوف الكرام والأصدقاء،
إن هذه الجولة من الصراع تدعونا لمزيد من التفكير والتأمل، في وجه الصعوبات والتحديات الخطيرة، هل تتوجه الدول نحو الحوار أم الصراع؟ هل يتوجه التاريخ نحو التقدم أم التراجع؟ هذا الأمر يعتمد إلى حد كبير على طريقتنا للنظر إلى الاختلافات بين الحضارات والتعامل معها، وكيفية تجاوز هذه الاختلافات والخلافات لتحقيق التعايش المنتاغم. طرح الرئيس شي جينبينغ مبادرة الحضارة العالمية في مارس الماضي، التي تدعو إلى تجاوز الفوارق الحضارية والصراع الحضاري ونظرية التفوق الحضاري بالتواصل والاستفادة المتبادلة والتسامح بين الحضارات، مما وفر جوابا صينيا حول كيفية تضافر الجهود لمواجهة التحديات العالمية. إن التواصل على قدم المساواة والتسامح والاستفادة المتبادلة بين مختلف الحضارات يمكنها أن تقدم إرشادا للبشرية في حل معضلات العصر وتضخّ طاقة محركة للتنمية السلمية في العالم وتصحح الأفكار الضالة عن الحضارات، وترسم رؤية لاستشكاف طريق التحديث.
إن الصين والدول العربية شركاء بطبيعتها في تطبيق مبادرة الحضارة العالمية، ويمثل "التسامح والاستفادة المتبادلة" محورا أساسيا لروح الصداقة الصينية العربية. أود بهذه المناسبة أن أشارككم بعض ملاحظاتي:
أولا، علينا أن ندعو إلى احترام التنوع الحضاري في العالم، ونبذ العنجهية والتحامل. تمثل الحضارة الحكمة الخارقة والسعي الروحي لدولة وأمة. تختلف الحضارات عن بعضها البعض، لكن لا حضارة تتفوق على حضارة أخرى، وتكون حديقة الحضارات في العالم جميلة بسبب تنوعها وازدهارها. "عندك القهوة وعندي الشاي"، ينبغي ألا تكون الاختلافات بين الحضارات منبعا للصراع، بل قوة دافعة للتقدم. إن الاعتراف بالتنوع الحضاري واحترامه لأمر يعد أساسا للتواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات المختلفة. علينا أن نتمسك بالمساواة والاستفادة المتبادلة والتحاور والتسامح بين الحضارات، وندعو إلى نبذ "نظرية التفوق الحضاري" و"نظرية صراع الحضارات"، ونعارض "الإسلاموفوبيا"، ونرفض ربط الإرهاب بعرق أو دين بعينه.
ثانيا، علينا أن نكرس القيم المشتركة للبشرية جمعاء، ونهدم الجدران العازلة بيننا بدلا من بنائها. إن السعي وراء السلام والتنمية والعدالة والإنصاف والديمقراطية والحرية يعد أكبر القواسم المشتركة لقيم شعوب العالم بما فيه الشعب الصيني والشعوب العربية، كما أنه يوفر رابطة من القيم لتحقيق السلام الدائم والازدهار المشترك في العالم. ندعو إلى تجاوز الاختلافات من حيث الأيديولوجيا والنظام الاجتماعي والمستوى التنموي، والسير معا على طريق التنمية السلمية وتطبيق تعددية الأطراف والدفاع عن العدالة والإنصاف، والتمسك بالحوار وإزالة الجدران والاندماج والاحتضان بدلا من المجابهة أو بناء الجدران أو فك الارتباط أو إقصاء الآخرين. وندعم الدول العربية بكل ثبات لتوارث وتطوير حضاراتها، واختيار طرق تنموية تتماشى مع ظروفها الوطنية بإرادتها المستقلة، ونرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى تحت ذريعة ما يسمى بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.
ثالثا، ندعو إلى الاهتمام بالتوارث والابتكار الحضاريين، بما يكوّن شكلا جديدا من الحضارة البشرية. إن الحضارة تلخص الماضي وتربط المستقبل وتلهم الحاضر. لنأخذ مبادرة "الحزام والطريق" التي لاقت ترحيبا واسعا ومشاركة فاعلة من قبل الدول العربية كمثال، فهي تكون بمثابة "إعادة الابتكار" من الجانب الصيني للتواصل الودي الذي كان يشهده طريق الحرير القديم، إضافة إلى كونها تجربة ناجحة للتطور المبتكر للثقافة التقليدية. وعقدت بالنجاح الدورة الثالثة لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي في بيجينغ قبل أيام، التي حققت نتائج مثمرة غير مسبوقة. لقد نفذ الجانبان الصيني والعربي لغاية الآن وبشكل مشترك أكثر من 200 مشروع تعاون ضخم في إطار "الحزام والطريق"، وتفيد ثمار التعاون نحو ملياري نسمة لشعوب الجانبين. نتطلع أن يستكشف الجانبان الصيني والعربي القيم العصرية لتاريخهما وثقافاتهما بشكل واف، ويواصلا التعاون في بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، بما يزيد من حيوية روح طريق الحرير القديم في التعاون الودي بين الصين والدول العربية في الحاضر، ويسهم في التنمية المستدامة للجانبين.
رابعا، علينا أن نعزز التواصل والتعاون في المجال الثقافي والشعبي، للدفع بالتعارف والتقارب بين شعوب الجانبين. إن التواصل الثقافي والشعبي بين الصين والدول العربية نشط، حيث أنشأ الجانبان عددا من آليات التواصل الثقافي والشعبي في إطار منتدى التعاون الصيني العربي مثل تبادل إقامة مهرجان الفنون وندوة التعاون في مجال الإعلام ومؤتمر الصداقة وملتقى التعاون في مجالات الإذاعة والتلفزيون ومنتدى المرأة، ونظما فعاليات متنوعة في إطارها. لقد تم فتح تخصص اللغة العربية أو تدريسها في عشرات الجامعات الصينية، كما أن هناك أكثر من 200 مدرسة في الدول العربية تدرس فيها اللغة الصينية. قد قامت كل من الإمارات ومصر والسعودية وتونس بإدراج اللغة الصينية في نظام التعليم الوطني. نحرص على العمل مع الجانب العربي على مواصلة إثراء مقومات التواصل وتوسيع قنوات التعاون وتعزيز بناء مركز الدراسات الصيني العربي للتنمية والإصلاح، وتوسيع نطاق التعاون في مجالي المراكز الفكرية والشباب وغيرهما، بما يرسخ الأسس الشعبية للصداقة الصينية العربية، ويدفع سويا بالتطور والتقدم للحضارتين الصينية والعربية الكبيرتين.
الضيوف الكرام والأصدقاء،
تعيش العلاقات الصينية العربية الآن أفضل المراحل في التاريخ. سنستقبل الذكرى السنوية الـ20 لإنشاء منتدى التعاون الصيني العربي في العام المقبل، حيث سنستضيف الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري للمنتدى في الصين. نتطلع إلى أن يواصل الجانبان تفعيل قوة الحضارة من منطلق جديد، ويعملا معا على تنفيذ مبادرة الحضارة العالمية ومواصلة ضخ عوامل الاستقرار للعالم الذي تتشابك فيه التغيرات والاضطرابات وجلب أمل جديد للسلام والتنمية في العالم.
في الختام، أتمنى لهذه الدورة للندوة نجاحا تاما! وشكرا.
版权所有中央党史和文献研究院
建议以IE8.0以上版本浏览器浏览本页面京ICP备11039383号-6京 公网安备11010202000010